بقلم: ديم أمور
على الشاشات العملاقة في موسكو، في قلب العاصمة الروسية، ظهرت هذا الأسبوع صور لرسائل دعم مفاجئة لإيران، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. برزت بين الصور المنتشرة الكتابة: "إيران شعب شقيق، وإيران – روسيا معك!"، إلى جانب كتابات أخرى عُرضت على شاشات السينما في وسط موسكو. يعتقد مستخدمو الشبكة أن الرسائل معاصرة، لكن الواقع أكثر تعقيداً.
يكشف التحقق أن الصور حقيقية فعلاً، لكنها تعود إلى 30 نوفمبر 2022. خلال ذلك اليوم عُرضت على شاشة سينما "أكتوبر" في شارع نوفي أرباط رسائل دعم لإيران، هدفت إلى تشجيع المنتخب الإيراني قبل المباراة ضد الولايات المتحدة في إطار كأس العالم لكرة القدم الذي أُقيم آنذاك في قطر. في الواقع، كانت هذه الخطوة أكثر بكثير من دعم رياضي بريء – فقد كشفت عمق العلاقات بين البلدين والمحاولة الروسية لتقديم جبهة مشتركة ضد الغرب.
شملت الرسالة الروسية ليس فقط الدعم لإيران، بل أيضاً هجوماً صريحاً على الولايات المتحدة. بعد الكتابة الداعمة، ظهرت على الشاشة رسالة إضافية بالإنجليزية: "USA is always little, Iran is always big" – بعبارة أخرى، "أمريكا صغيرة دائماً، إيران كبيرة دائماً". تكشف هذه الرسالة الدافع الحقيقي وراء الخطوة الروسية: ليس فقط دعم إيران، بل محاولة مقصودة لوخز وإذلال الولايات المتحدة.
ظهرت المفارقة عندما أخطأ الروس، في سعيهم لإظهار الدعم لتحالفهم الجديد، في كتابة كلمة "روس" بالروسية. تحولت هذه الغلطة بسرعة إلى هدف للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما أشار كثير من المتصفحين إلى الفجوة بين الرغبة الروسية في التأثير والتدخل في السياسة الدولية وبين التنفيذ الهاوي لهذه الخطوة.
لم تكن الرسائل في موسكو حدثاً منعزلاً، بل جزءاً من اتجاه أوسع للتقارب بين روسيا وإيران. منذ بداية الحرب في أوكرانيا، عمّق البلدان تعاونهما العسكري والاقتصادي. زودت إيران روسيا بطائرات مسيّرة وذخيرة للاستخدام في الجبهة الأوكرانية، بينما نقلت روسيا إلى إيران تقنيات عسكرية متقدمة ودعماً دبلوماسياً في الساحات الدولية.
يتعمق هذا التحالف عندما تجد الدولتان نفسيهما تحت عقوبات غربية ثقيلة. روسيا، بسبب غزوها لأوكرانيا، وإيران، بسبب برنامجها النووي ودعمها للمنظمات الإرهابية، تبحثان عن طرق لتجاوز العزلة الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضها عليهما الغرب. النتيجة هي تحالف مصلحة يخدم مصالح البلدين.
لم تكن مظاهرة الدعم الروسي لإيران في إطار كأس العالم مجرد إيماءة رياضية. رمزت إلى إقامة جبهة مناهضة للغرب، حيث تتعاون روسيا وإيران بهدف تقويض الهيمنة الأمريكية والأوروبية. الرسالة "أمريكا صغيرة دائماً، إيران كبيرة دائماً" هي صدى لسياسة روسيا التي تسعى لتحدي النظام العالمي القائم.
يثير الدعم الروسي العلني لإيران مخاوف بشأن المستقبل القريب. عندما تتحد دول ذات طموحات إقليمية وعالمية ضد الغرب، قد تكون التداعيات بعيدة المدى. قد يؤدي التحالف الروسي-الإيراني إلى تصعيد في الشرق الأوسط، وتقوية الأنظمة الاستبدادية، والإضرار بالاستقرار الدولي.
ما بدأ كمظاهرة دعم في كأس العالم تحول إلى نافذة على الديناميكية الجيوسياسية الجديدة. التحالف بين موسكو وطهران، الذي أُعلن على شاشات موسكو، يمثل تحدياً حقيقياً للغرب والنظام الدولي الليبرالي.
استخدام الصور وفقاً للمادة 27أ'