اللغة العربية

روسيا تدين إسرائيل وتدفع لعقد جلسة في الأمم المتحدة

روسيا تُلقي المواعظ وتدين إسرائيل، بينما تتجاهل جرائم الحرب في أوكرانيا، وتستغل الأزمة لارتفاع أسعار النفط وزيادة أرباحها عقب الضربة الإسرائيلية لإيران، وتُخفي جرائمها وراء نفاق بارد - بوتين، المطلوب من قِبل المحكمة الدولية، يواصل التعليم
Blue Yellow 10 Awesome Books That Changed My Mindset Youtube Thumbnail (98)

بقلم: ديم آمور

تُحدد روسيا موقفها ضد إسرائيل وتعمل بكل قوة لإقامة جلسة خاصة في الأمم المتحدة حول وقف إطلاق النار، وفقاً لما تشير إليه التقارير في وسائل الإعلام الروسية. تأتي هذه الخطوة على خلفية تصعيد حاد في المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية، حيث تدين موسكو بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية وتسعى لوضع نفسها كوسيط إقليمي.

نُوقشت الأحداث الدرامية في المنطقة اليوم في مكالمة هاتفية بين وزيري خارجية روسيا وإيران. اتصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي بنظيره الروسي سيرغي لافروف، في إطار متابعة المحادثة التي أجراها قائدا البلدين أمس. أكد لافروف في المحادثة أن موسكو تدين العملية العسكرية الإسرائيلية وأعرب عن تعازيه لنظيره الإيراني بشأن كثرة القتلى من الضربات الإسرائيلية. أضاف وزير الخارجية الروسي أن روسيا مستعدة للمساعدة في تهدئة النزاع.

في الوقت نفسه، تُكشف تفاصيل إضافية حول الدبلوماسية المعقدة التي تجري خلف الكواليس. تطرق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس إلى المحادثة التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أشار إلى أن معظم المحادثة تركزت حول إيران، التي يعرفها بوتين "بشكل ممتاز". أضاف ترامب أن الاثنين اتفقا على أن الحرب بين إيران وإسرائيل يجب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن.

أمس المساء أجرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضاً محادثة مع بوتين، الذي عرض الوساطة "لمنع التصعيد". في البيان الذي نشره الكرملين، أشار بوتين في المحادثة مع نتنياهو إلى "ضرورة إيجاد حل سلمي والعودة إلى عملية التفاوض". تشهد هذه الخطوة على محاولة روسية لوضع نفسها كوسيط مركزي في النزاع.

في محادثة منفصلة مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وصف بوتين الهجوم الإسرائيلي ضد المنشآت النووية في إيران بأنه "تصعيد خطير". أُكد في بيان الكرملين أن موسكو تدين الهجوم الذي "ينتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". أعرب بوتين عن "تعازيه" أمام بزشكيان بشأن فقدان الأرواح في إيران ودعا إلى حل الأزمة النووية بالوسائل الدبلوماسية.

صرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، رسمياً بأن روسيا تدين التصعيد الحاد في المواجهة بين إسرائيل وإيران وتعبر عن قلقها من التوتر المتزايد بين البلدان. وفقاً لأقواله، يتلقى الرئيس فلاديمير بوتين التحديثات بشكل مستمر حول التطورات. أضاف بيسكوف أن وزارة الخارجية الروسية، بتوجيه من الرئيس، من المتوقع أن تنشر قريباً بياناً مفصلاً بشأن الوضع في الشرق الأوسط، وسيُرسل أيضاً إلى منظمة الأمم المتحدة.

مع ذلك، تثير الخطوات الروسية تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء الإدانة الروسية. منذ عام 2014، تنفذ روسيا عمليات عسكرية واسعة في أوكرانيا، واحتلت شبه جزيرة القرم وترتكب أعمالاً وُصفت بجرائم الحرب. الرئيس بوتين مطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب الجرائم في أوكرانيا. وفقاً للتقديرات، قُتل حوالي مليون شخص وأُصيب مئات الآلاف في الحرب في أوكرانيا منذ بدايتها.

بالإضافة إلى ذلك، تستفيد روسيا من التصعيد في الشرق الأوسط أيضاً من الناحية الاقتصادية. الارتفاع في أسعار النفط، الذي سُجل عقب الضربات الإسرائيلية، يخدم مصالح موسكو، التي تقع تحت عقوبات دولية ثقيلة. ارتفاع الأسعار يمنح الاقتصاد الروسي المحاصر هواءً للتنفس ويوفر له هامش مناورة حيوي في الساحة العالمية.

الصورة المعقدة تشهد على سياسة روسية براغماتية قائمة على المصالح الجيوسياسية والاقتصادية. تحاول موسكو الحفاظ على العلاقات مع إيران كحليف استراتيجي، بينما تحاول وضع نفسها كوسيط إقليمي رائد. في الوقت نفسه، تستفيد من النتائج الاقتصادية لعدم الاستقرار الإقليمي.

تتجلى المفارقة الروسية في أن دولة تنفذ غزواً شاملاً لجارتها تدين العمليات العسكرية لدولة أخرى. يشهد هذا على السياسة المزدوجة لموسكو، التي تحاول استغلال الأزمة في الشرق الأوسط لتعزيز مكانتها الدولية مع تجاهل أعمالها الخاصة في أوروبا.

المحاولة الروسية لإقامة جلسة في الأمم المتحدة حول وقف إطلاق النار تشكل جزءاً من جهودها لوضع نفسها كقوة وسيطة، بالتوازي مع محاولة تشتيت الانتباه عن أعمالها في أوكرانيا. المناورة الدبلوماسية تشهد على رغبة روسيا العودة إلى مركز المسرح الدولي، حتى عندما تكون معزولة من قِبل المجتمع الدولي.

تشير الخطوات الدبلوماسية الأخيرة إلى واقع معقد حيث المصالح الاقتصادية والجيوسياسية توجه السياسة الروسية أكثر من المبادئ الأخلاقية أو القانونية. تحاول روسيا استغلال الأزمة الحالية لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية، مع استغلال الفرص الاقتصادية الناشئة عن عدم الاستقرار.

في هذا السياق، السؤال المركزي هو ما إذا كانت روسيا مهتمة حقاً بتهدئة حقيقية في الشرق الأوسط، أم أنها ترى في الأزمة فرصة لتقدم مصالحها. الإجابة على ذلك ستتضح في الأسابيع القادمة، عندما سيُختبر ما إذا كانت الخطوات الدبلوماسية الروسية ستؤدي إلى إجراءات ملموسة أم ستبقى على المستوى الخطابي فقط.

الزمن هو الذي سيشهد ما إذا كانت روسيا ستنجح في تحقيق طموحاتها للترسخ كوسيط مركزي في الشرق الأوسط، أم أن سياسة المعايير المزدوجة ستكشف الفجوة المتسعة بين إعلاناتها وأعمالها. في الواقع الجيوسياسي المتشعب لهذا الزمان، لا مكان للارتجال الدبلوماسي، والخطوات الروسية ستُحاكم وفقاً لنتائجها الملموسة وليس وفقاً لبياناتها العلنية.

ملاحظة: مع ذلك، يظهر بوضوح كيف أن روسيا لا تتردد في التخلي عن حلفائها عند الحاجة. هذا العام شهدنا على ذلك بشكل واضح في الساحة السورية – فروسيا لديها مصالح، لكن ليس لديها أصدقاء حقيقيون.

الصورة: AP