أصبح التهديد الإيراني لإسرائيل حقيقياً وخطيراً ومخيفاً وأكثر خطورة من أي وقت مضى. الواقع الأمني يضع إسرائيل أمام قرار مصيري: يبدو أن ضربة لإيران أمر لا مفر منه، لكن قبل ذلك يجب على إسرائيل تنفيذ عملية حاسمة واحدة – استعادة المخطوفين من غزة.
من الناحية الأخلاقية، لن تستطيع إسرائيل مهاجمة إيران طالما لم يتم تحرير المخطوفين من الأسر في غزة. النشاط الحالي للجيش الإسرائيلي في القطاع يمثل فقط مقدمة للمعركة الأكبر التي تتشكل في مواجهة التهديد الإيراني.
هناك جملة معروفة يتقنها كل مقاتل في ألوية المشاة في الجيش الإسرائيلي: "ما لا يسير بالقوة يسير بمزيد من القوة". العملية في غزة هي في الواقع تمهيد للعملية الكبرى التي تستعد لها إسرائيل. النشاط الحالي للفرق 143 و36 و252 يهدف إلى زيادة الضغط على سكان غزة، الذين سيزيدون بدورهم الضغط على حماس للموافقة على العرض الأمريكي – إطلاق سراح 11 مخطوفاً على قيد الحياة و16 جثة.
النشاط العسكري في غزة الآن مصحوب بإطلاق نار كثيف من الجو ومن البحرية والقوات المناورة. يعمل الجيش الإسرائيلي بشكل عدواني من منطلق فهم أنه لا يوجد مخطوفون أحياء أو موتى في المناطق التي يعمل فيها. القوة الثقيلة المستخدمة تهدف أيضًا إلى توضيح لحماس ما سيحدث عندما ينتقل الجيش الإسرائيلي إلى مرحلة أكثر كثافة بكثير.
هدد الرئيس الإيراني بيجشكيان بأن إيران في حالة "حرب شاملة مع العدو (إسرائيل)" ودعا إلى التركيز على الاستعداد لذلك بدلاً من الاتهامات الداخلية. وأشار إلى أن العدو يشدد الحصار والعقوبات، لكن لدى إيران خطط للتعامل مع هذا الوضع.
مسألة الضربة في إيران وراء الباب. هذه هي القضية الوجودية التي تهدد دولة إسرائيل. النافذة الزمنية لضرب إيران محدودة، وليس من الواضح ما إذا كان الأمريكيون سينفذون الخطوة بأنفسهم. هذه هي الأولوية القصوى لإسرائيل، لكن إذا لم تتصرف الولايات المتحدة وتركت الساحة للجيش الإسرائيلي، فستحتاج إسرائيل إلى دعم أمريكي كبير. ليس فقط في الأسلحة والوسائل، بل في توضيح صريح من الحكومة الأمريكية بأنها تدعم إسرائيل من خلال حاملات الطائرات وأسراب في المطارات في الشرق الأوسط والخليج العربي.
قد تؤدي ضربة في إيران إلى عملية عسكرية تستمر لأسابيع طويلة وحتى عدة أشهر. يتطلب هذا الوضع من إسرائيل إغلاق قضية المخطوفين أولاً. لن تستطيع إسرائيل أخلاقياً وعلنياً، وحتى عسكرياً إلى حد ما، البدء في إجراء ضد إيران عندما تكون قضية المخطوفين في غزة لا تزال مفتوحة.
من المتوقع أن يزداد الضغط على حماس في غزة في الأيام المقبلة: المزيد من قصف سلاح الجو، وهجمات مكثفة من البحرية على طول ساحل غزة بأكمله، ونشاط بري مصحوب بنيران كثيفة في مناطق مختلفة من القطاع. الآن البيان العسكري "ما لا يسير بالقوة يسير بمزيد من القوة" يخضع لاختبار واقع غزة.
في الوقت نفسه، تُسمع أصوات دولية في الخلفية. ردت روسيا على تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقول حازم: "الهجوم على إيران غير قانوني، وسيكون له عواقب مدمرة". صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن "استخدام القوة العسكرية ضد إيران سيكون غير قانوني وغير مقبول"، رداً على تهديدات ترامب بمهاجمة البلاد إذا لم توقع على اتفاق نووي. "قصف المنشآت النووية سيكون له عواقب كارثية على العالم بأسره"، أضافت زاخاروفا.
يضع الواقع الأمني المعقد إسرائيل أمام معضلة حرجة: من ناحية، التهديد النووي الإيراني المتصاعد الذي يتطلب استجابة عاجلة، ومن ناحية أخرى – الالتزام الأخلاقي باستعادة المخطوفين. القتال المكثف في غزة هذه الأيام هو في الواقع مؤشر على القوة العسكرية التي تستعد إسرائيل لاستخدامها، ومحاولة لحسم قضية المخطوفين بأسرع ما يمكن للتفرغ للتعامل مع التهديد الاستراتيجي الأكبر.
كما تشير التطورات، فإن نشاط الجيش الإسرائيلي في غزة هذه الأيام يمثل فقط مقدمة لحملة أوسع وأكثر أهمية بكثير. مع تقدم الوقت، تزيد إسرائيل الضغط في غزة بهدف تحقيق إطلاق سراح المخطوفين في أقرب وقت ممكن، وتمهيد الطريق لاستجابة شاملة للتهديد الإيراني – التهديد الذي يُعرَّف الآن بأنه حقيقي وخطير ومخيف وأكثر خطورة من أي وقت مضى.