وقع حادث خطير مؤخراً في جامعة لينيوس السويدية، حيث اقتحم أشخاص ملثمون غرفة الصلاة الإسلامية في الحرم الجامعي ووضعوا قطعاً من لحم الخنزير – وهو طعام محرم في الإسلام – داخل نسخ من القرآن الكريم وكتابات مقدسة أخرى. هذا العمل، الذي يُعتبر مسيئاً بشكل خاص للمسلمين، أثار غضباً بين الطلاب المسلمين، الذين طالبوا برد فوري من إدارة الجامعة.
سارعت إدارة المؤسسة الأكاديمية إلى إدانة الحادث الخطير، لكنها رغم جهود التحقيق، لم تتمكن بعد من تحديد المسؤولين عن هذا العمل. يثير الحادث أسئلة مقلقة حول العلاقات بين المجتمعات المختلفة داخل المؤسسة الأكاديمية، التي تُعتبر من المؤسسات الرائدة في السويد.
تأسست جامعة لينيوس في عام 2010 بعد اندماج جامعة فيكشو وجامعة كالمار، وسُميت على اسم عالم الطبيعة السويدي الشهير كارل لينيوس، أحد مؤسسي النظام الحديث للتصنيف البيولوجي. تعمل المؤسسة في حرمين جامعيين رئيسيين – في مدينتي فيكشو وكالمار – وتقدم مجموعة واسعة من البرامج الأكاديمية.
حرم فيكشو الجامعي، وهو الأكبر بين الاثنين، مجهز ببنية تحتية حديثة، وسكن طلابي، ومختبرات بحثية، وبيئة اجتماعية متطورة. أما حرم كالمار الجامعي، فيقع بالقرب من الساحل ويركز على مجالات علوم البحار، والبيئة، والأحياء، والسياحة. موقعه الفريد يتيح برامج مميزة مرتبطة بالنظم البيئية البحرية والتنمية المستدامة.
تفتخر المؤسسة بالتنوع الواسع في مجالات الدراسة المقدمة فيها، والتي تشمل الأعمال والاقتصاد، وعلوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات، والهندسة، والعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم الإنسانية، والتربية والتعليم، والفنون والتصميم، وكذلك علوم البحار والبيئة. تبرز بشكل خاص برامج الدراسة باللغة الإنجليزية، خاصة للدراسات العليا، والتي تجذب طلاباً من جميع أنحاء العالم.
جامعة لينيوس هي مؤسسة ذات توجه دولي واضح، تشارك في برامج تبادل الطلاب مثل إيراسموس+ وتتعاون مع مؤسسات أكاديمية حول العالم. يدرس حالياً في حرميها الجامعيين طلاب من أكثر من 80 دولة، وتشكل البيئة الدولية جزءاً لا يتجزأ من التجربة الأكاديمية.
تضع الجامعة تركيزاً خاصاً على الابتكار وريادة الأعمال، والتطبيق العملي للمعرفة وطرق التدريس المتقدمة. يحظى حرم فيكشو الجامعي بتقدير كأحد أكثر الحرمات الجامعية خضرة في السويد، ويوفر ظروفاً مثالية للدراسة والسكن وأنشطة الترفيه.
بالتزامن مع النقاش حول الحادث الخطير في غرفة الصلاة، من المهم الإشارة إلى أنه تظهر أحياناً على وسائل التواصل الاجتماعي ادعاءات غير مؤسسة تفيد بأن أكثر من 85% من الطلاب في جامعة لينيوس هم من المسلمين. ومع ذلك، لا أساس لهذه الادعاءات في المصادر الرسمية أو البيانات الإحصائية الموثوقة.
الحقائق تشير إلى العكس: جامعة لينيوس، مثل جميع الجامعات في السويد، هي مؤسسة عامة علمانية. في السويد، لا يتم جمع معلومات رسمية عن الانتماء الديني للطلاب، حيث يُعتبر ذلك معلومات شخصية وحساسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن مجتمع الطلاب في الجامعة متنوع من الناحية العرقية والثقافية، لكن الغالبية العظمى هم طلاب سويديون وطلاب من دول الاتحاد الأوروبي. لذلك، فإن الادعاءات بوجود أغلبية مسلمة كبيرة في الجامعة تنبع على الأرجح من معلومات مضللة أو تفسيرات متحيزة تفتقر إلى أساس واقعي.
وفقاً لبيانات مركز بيو للأبحاث لعام 2017، يشكل المسلمون حوالي 8% من سكان السويد البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة. هذا يعني حوالي 800 ألف شخص، ووفقاً لسيناريوهات مختلفة للهجرة، قد ترتفع هذه النسبة إلى 11%-30% بحلول عام 2050. تقدم دراسات أخرى تقديرات أقل، بين 6% و10% من السكان، اعتماداً على طريقة العد – سواء كان يتم احتساب المسلمين المتدينين فقط أو أيضاً المهاجرين من دول ذات أغلبية مسلمة بشكل عام.
الحادث في غرفة الصلاة بجامعة لينيوس لا يحدث في فراغ. إنه يضاف إلى سلسلة من التوترات بين الثقافات التي تحدث في الدول الاسكندنافية في السنوات الأخيرة، مع وجود أسئلة معقدة تتعلق بالهجرة والاندماج والهوية الثقافية والدينية في الخلفية. السويد، التي اعتُبرت لسنوات عديدة نموذجاً للتسامح وقبول الآخر، تواجه في السنوات الأخيرة تحديات جديدة في هذا المجال.
أبلغت إدارة الجامعة صحيفة "متابعة" أنها تواصل التحقيق في الحادث بكل جدية، وفي الوقت نفسه تعمل على تعزيز الحوار بين الثقافات في الحرم الجامعي. يدعو ممثلو الطلاب المسلمين في الجامعة إلى زيادة التدابير الأمنية في غرف الصلاة ورفع الوعي بأهمية الاحترام المتبادل بين المجموعات الدينية المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، نشرت المؤسسة على موقع الجامعة بياناً:
"انتهاكات غير مقبولة ضد الطلاب المسلمين. تم توجيه أعمال مسيئة ضد الطلاب المسلمين في جامعة لينيوس. من بين أمور أخرى، تم تخريب نسخ من القرآن الكريم المحفوظة في محيط الجامعة والمستخدمة للصلاة.
"نحن نأخذ هذه الحالة على محمل الجد. تقوم الجامعة على قيم احترام المساواة في قيمة الإنسان وحرية كل فرد كأساس لأنشطتنا. لن نتسامح مع أي عمل ينتهك حقوق الإنسان للآخرين. هناك تسامح صفري في الجامعة لأي نوع من التمييز. تم إبلاغ الشرطة بالحادث، لكننا لا نعرف حتى الآن من هم المسؤولون"، قال رئيس جامعة لينيوس، بيتر آرونسون.
يجب أن تكون جامعة لينيوس مكاناً يمكن لكل شخص أن يشعر فيه بالأمان والانتماء. حرية الدين هي حق أساسي يجب علينا حمايته والحفاظ عليه دائماً" (ترجمة "متابعة").
تُعد جامعة لينيوس مثالاً على مؤسسة أكاديمية حديثة، تجمع بين التميز الأكاديمي والنهج الدولي والتركيز على الاستدامة. الحادث الخطير في غرفة الصلاة يمثل تذكيراً بالتحديات التي تواجه المجتمعات متعددة الثقافات، والحاجة إلى حوار مستمر وبناء جسور بين المجتمعات المختلفة.
يواصل الطلاب في الجامعة، إلى جانب الهيئة الأكاديمية والإدارية، الحفاظ على روتين الدراسة، على أمل تحديد المسؤولين عن العمل الخطير وتقديمهم للعدالة، وأن تنجح الجامعة في الحفاظ على جو من الاحترام المتبادل والتسامح بين جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي.