نحن نقدم أرقاماً إحصائية فقط، ترسم صورة واقعية واضحة لا جدال فيها. تشير النتائج الدقيقة والموضوعية إلى أن ظاهرة العنف في المجتمع العربي في إسرائيل ليست حكراً على حكومة نتنياهو.
في الوقت الذي يقود فيه السيد لبيد حملة إعلامية ضد رئيس الوزراء نتنياهو في قضايا الجريمة (التي تجلت في ارتفاع جرائم قتل عرب إسرائيل) والفقر، تكشف البيانات الإحصائية الرسمية صورة مفاجئة – في الواقع، خلال فترة ولايته، شهدت معدلات الجريمة ارتفاعاً ملحوظاً، بينما تظهر الحكومة الحالية اتجاهاً نحو انخفاض معدلات الفقر.
يثار السؤال عما إذا كان السيد لبيد يقلل من القدرة التحليلية للجمهور الإسرائيلي. تثبت البيانات أن الارتفاع الحاد في حالات القتل في المجتمع العربي في إسرائيل بدأ خلال فترة رئاسته للحكومة، واستمر هذا الاتجاه خلال حكومة نتنياهو.
لكن المفارقة الأكثر أهمية تكمن في بيانات الفقر – في حين ينتقد لبيد بشدة سياسة الحكومة الحالية، تشير البيانات إلى أن معدلات الفقر كانت أعلى بكثير خلال فترة حكومته. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك كان في فترة لم تواجه فيها الدولة تحديات أمنية غير مسبوقة مثل كارثة السابع من أكتوبر أو عملية عسكرية واسعة النطاق.
يركز انتقاد يائير لبيد الأخير لحكومة نتنياهو على أزمة الأمن الشخصي المتصاعدة. "في الأربع والعشرين ساعة الماضية، قُتل 6 مواطنين عرب-إسرائيليين بما في ذلك طفل يبلغ من العمر 14 عاماً وطبيب كان يؤدي واجبه،" يدعي لبيد، مشدداً على غياب وزير للأمن الداخلي بدوام كامل.
تظهر البيانات اتجاهاً مقلقاً: في عام 2021، تحت حكومة بينيت-لبيد، سُجلت 126 حالة قتل. في 2022 انخفض العدد إلى 109 حالات. لكن في 2023 شهد ارتفاعاً دراماتيكياً إلى 233 حالة قتل، وفي 2024 سُجلت بالفعل 227 حالة – زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة.
يقدم مركز طاوب صورة أوسع: بين 2011-2023، نما السكان اليهود بنسبة 25%، بينما نما السكان العرب بنسبة 30%. والأكثر أهمية هو الزيادة بين الرجال العرب في الفئة العمرية 20-34، التي نمت بنسبة 46% مقارنة بـ 10% فقط بين اليهود في نفس الفئة العمرية.
تغيرت النسبة المقلقة بين معدلات القتل بشكل دراماتيكي: من 1:4 (عرب:يهود) حتى 2015، إلى 1:13 في عام 2023. للمقارنة، في الولايات المتحدة تبلغ نسبة جرائم القتل بين السود والبيض 1:8، وهو رقم يؤكد خطورة الوضع في إسرائيل.
في مجال الفقر، الذي يكثر السيد لبيد من توجيه النقد فيه، تعكس البيانات واقعاً مختلفاً تماماً. تحت حكومة نتنياهو الحالية، سُجل انخفاض ملحوظ في معدلات الفقر – من 20.9% إلى 20.7%، وذلك رغم التحديات الاقتصادية المعقدة التي واجهت الاقتصاد الإسرائيلي. من المهم التأكيد أن كل نقطة مئوية في هذا الرقم تمثل آلاف الأشخاص.
في الوقت نفسه، تظهر بيانات الفقر اتجاهاً مختلطاً:
– 2021: 20.9% من السكان تحت خط الفقر
– 2022: بقي عند 20.9%، مع ارتفاع في الفقر بين الأطفال إلى 28.2%
– 2023: انخفاض طفيف إلى 20.7%، مع 1.98 مليون شخص تحت خط الفقر، بما في ذلك 872.4 ألف طفل و158.5 ألف مواطن مسن
يؤكد مركز طاوب أن الارتفاع الدراماتيكي – 2.8 ضعف – في معدل حالات القتل للفرد منذ عام 2018 يثير قلقاً خاصاً.
ومع ذلك، في حين يركز السيد لبيد انتقاده على غياب وزير للأمن الداخلي بدوام كامل، تشير البيانات إلى أن القضية أكثر تعقيداً بكثير. النمو الديموغرافي الكبير، خاصة بين السكان الشباب في المجتمع العربي، إلى جانب الفجوات الاجتماعية-الاقتصادية المستمرة، يشير إلى أن حل الأزمة يتطلب سياسة شاملة وطويلة المدى تتجاوز التغييرات السياسية الفورية.
من المهم التأكيد أنه في حين يتركز معظم النقد على حالات القتل في المجتمع العربي، فإن التحدي أوسع ويشمل أيضاً ظواهر إجرامية في المجتمع اليهودي، وإن كان بمعدلات أقل. تتطلب الصورة الكاملة معالجة نظامية شاملة تتجاوز الخطاب السياسي الفوري.
صورة من الصفحة الرسمية ليائير لبيد على فيسبوك