سُمع تهديد خطير أمس من جهة تركيا عندما صرّح هاكان بيركجي، رئيس معهد الأبحاث "سونار"، خلال مقابلة في التلفزيون التركي بأن الجيش التركي قادر على غزو تل أبيب خلال 72 ساعة. أثار هذا التصريح الحاد دهشة حتى المحاور نفسه، الصحفي أحمد هاكان، الذي رد بذهول وقال لبيركجي: "دعك، يا أخي، لا تقل هذا".
وفي متابعة المقابلة، حاول بيركجي تهدئة الأجواء، لكنه كرر الادعاء المفاجئ. "أنا لا أريد صراعات، ولم أكن أبداً أرغب في مثل هذا الصداع، ولكن هنا – ربما لن يصدقني الناس – الجيش التركي قادر على اختراق تل أبيب خلال 72 ساعة"، قال. تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين إسرائيل وتركيا توتراً مستمراً، خاصة في ضوء الحرب في قطاع غزة.
يأتي هذا التهديد التركي الاستثنائي على خلفية تقارير عن اتصالات تهدف تحديداً إلى تحسين التنسيق بين البلدين. أفاد موقع "ميدل إيست آي" أمس أن إسرائيل وتركيا تجريان محادثات مباشرة في محاولة لإنشاء قناة تنسيق عسكري دائمة في سوريا، تهدف إلى منع الاحتكاكات والتصعيد العسكري بين البلدين.
كما أفاد الموقع بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوضح للجهات الأمنية أن إسرائيل لديها "نافذة فرص قصيرة" للعمل ضد القواعد في سوريا قبل أن تستولي عليها تركيا وتضع فيها أنظمتها. تشير هذه المعلومات إلى أن إسرائيل قلقة من تعزيز الوجود التركي في سوريا واحتمال أن يحد ذلك من حرية العمل الإسرائيلية في المنطقة.
يعتبر معهد الأبحاث "سونار" الذي يترأسه بيركجي هيئة ذات نفوذ في تركيا، رغم أنه لا يملك سلطة رسمية في اتخاذ القرارات الأمنية أو العسكرية في البلاد. ومع ذلك، فإن التصريحات الحادة التي أدلى بها بيركجي تعكس المزاج السائد في بعض أجزاء الخطاب التركي تجاه إسرائيل.
شهدت العلاقات الإسرائيلية-التركية العديد من الصعود والهبوط في العقود الأخيرة. في الماضي، كانت الدولتان حليفتين استراتيجيتين، لكن في السنوات الأخيرة، وخاصة تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، تدهورت العلاقات الدبلوماسية بشكل كبير. أطلق أردوغان نفسه مراراً انتقادات حادة لسياسة إسرائيل، خاصة في السياق الفلسطيني.
على الرغم من التوتر العالي، تواصل الدولتان الحفاظ على بعض العلاقات الاقتصادية والتجارية، وهناك محاولات من وقت لآخر لتحسين العلاقات. تشير الحاجة إلى التنسيق العسكري في سوريا، كما ورد في التقارير، إلى فهم كلا البلدين أنه رغم الخلافات، توجد مصالح مشتركة في الساحة الإقليمية.
يأتي التوتر الحالي على خلفية تطورات إقليمية إضافية، بما في ذلك تورط البلدين في سوريا، حيث تسيطر تركيا على مناطق في شمال البلاد، وتنفذ إسرائيل من وقت لآخر هجمات ضد أهداف إيرانية وحزب الله.
تقدر المصادر الدبلوماسية أن تصريحات بيركجي، حتى إذا كانت لا تعكس موقفاً رسمياً للحكومة التركية، قد تؤثر سلباً على العلاقات الحساسة بين البلدين وعلى الجهود المبذولة لإنشاء قناة تنسيق في سوريا.
تتعامل الجهات الأمنية في إسرائيل مع مثل هذه التصريحات بحذر شديد، لكنها تقدر أنها في الغالب خطاب موجه للاستهلاك الداخلي في تركيا وليس نية حقيقية للعمل العسكري ضد إسرائيل.
أدت الأزمة في المنطقة، وخاصة الحرب في قطاع غزة، إلى تعزيز الخطاب المعادي لإسرائيل في تركيا ودول أخرى في المنطقة، وأصبحت التصريحات المتطرفة من هذا النوع أكثر شيوعاً في الفضاء العام التركي.
ينضم التصريح الاستثنائي لبيركجي إلى التوتر المتزايد في المنطقة والمخاوف من تصعيد إضافي، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط بأكمله حالة من عدم الاستقرار والتوتر العالي. يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه التصريحات على الجهود المبذولة لإنشاء آليات تنسيق لمنع الاحتكاكات العسكرية المباشرة بين إسرائيل وتركيا، خاصة في الساحة السورية.