يُكمل الجيش الإسرائيلي هذه الأيام استعداداته العملياتية لاحتمال استئناف القتال في قطاع غزة. يأتي ذلك في أعقاب فشل جولة المحادثات الأخيرة في القاهرة والصعوبات المستمرة في المفاوضات مع حماس. وضعت المنظومة الأمنية خطط عمل جديدة في حال عدم تمديد الاتفاق الحالي أو عدم توقيع اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.
وقال مصدر أمني كبير لـ"كان نيوز": "لن يكون هناك هدوء في غزة بدون اتفاق ساري المفعول. هناك خياران فقط – تحرير المختطفين أو الحرب". وأضاف المصدر أنه إذا استأنف الجيش الإسرائيلي القتال، فستجري بطريقة مختلفة وأكثر عدوانية من ذي قبل، بما في ذلك وقف المساعدات الإنسانية وقطع إمدادات المياه والكهرباء.
أحد العوامل المؤثرة في طبيعة الاستعدادات هو تغيير الإدارة في الولايات المتحدة. "الضوء الأخضر" الذي منحه الرئيس ترامب لإسرائيل يتيح مساحة أوسع للعمل. يقدر المسؤولون السياسيون أن ترامب سمح لإسرائيل "بفتح أبواب الجحيم على غزة" – تعبير يعكس قوة الرد العسكري المحتمل إذا استؤنفت المعارك.
تسعى الجهات الأمنية الإسرائيلية إلى تمديد الاتفاق الحالي، بدلاً من صياغة اتفاق جديد من الأساس. ظهر دليل على ذلك في الميدان: كان من المفترض أن يبدأ الجيش الإسرائيلي الانسحاب من محور فيلادلفي على الحدود المصرية اليوم، كونه اليوم الـ42 للاتفاق، ولكن بناءً على توجيهات المستوى السياسي، تستعد القوات للبقاء على الحدود دون تحديد وقت. يعكس هذا القرار الرغبة في الحفاظ على موقع استراتيجي في المنطقة طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق مرضٍ.
في غضون ذلك، فإن توقيت نشر حماس لفيديو الأخوين هورن ليس صدفة. في كل مرة تقريباً أرادت حماس دفع المفاوضات، خاصة عندما تكون المحادثات في أزمة، نشرت مثل هذا النوع من مقاطع الفيديو.
من جانب حماس، الصورة واضحة – المنظمة ليست مستعدة لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق بالشروط الحالية، أي مجرد الحصول على إطلاق سراح سجناء فلسطينيين وتحسينات محدودة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية. تريد حماس رؤية تقدم في قضيتين مركزيتين من المرحلة الثانية من الاتفاق، واللتين تفوقان في أهميتهما إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين: إنهاء الحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
تُعتبر هاتان القضيتان حاسمتين لبقاء المنظمة في القطاع. ومع ذلك، تتجنب حماس تفجير المحادثات بشكل كامل وتبقي الأمور مفتوحة، على الأرجح لأنها تدرك أن لديها الكثير لتخسره من استئناف القتال.
وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود بشكل رئيسي بسبب الفجوات الجوهرية في القضايا الأساسية. تصر إسرائيل على شروط تضمن تحقيق أهداف الحرب – إعادة جميع المختطفين، وتجريد حماس من قدراتها العسكرية، وإزالة التهديد عن المواطنين الإسرائيليين. من ناحية أخرى، تطالب حماس بالتزام إسرائيلي بإنهاء كامل للحرب وانسحاب كامل من القطاع.
يواصل الوسطاء – مصر وقطر والولايات المتحدة – جهودهم لإيجاد صيغة تسمح باستئناف المفاوضات. ومع ذلك، فإن الفجوات العميقة تجعل من الصعب تحقيق اختراق.
إذا استؤنفت المعارك، فستكون هناك تداعيات كبيرة لكل من سكان غزة والمختطفين. يخطط الجيش الإسرائيلي لهجوم أقوى بكثير مما رأيناه في الأشهر الأخيرة، مع التركيز على تقييد حركة المدنيين والإمدادات إلى القطاع. قد يؤدي استئناف القتال إلى تصعيد طويل الأمد، مما سيكلف ثمناً باهظاً من الجانبين. بالنسبة للمختطفين، قد يقلل استئناف المعارك من فرص إطلاق سراحهم في المستقبل القريب.
إحدى النقاط المركزية في الأزمة الحالية هي مسألة السيطرة على محور فيلادلفي، الحدود بين قطاع غزة ومصر. ترى إسرائيل في السيطرة على هذا المحور مصلحة أمنية حيوية لمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع، بينما تطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من المنطقة.
يعكس القرار الإسرائيلي بإبقاء القوات في محور فيلادلفي الأهمية الاستراتيجية التي توليها إسرائيل للسيطرة على هذه المنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب التوتر مع مصر وتأخير محتمل في التوصل إلى اتفاق.
تتحول قضية المساعدات الإنسانية أيضاً إلى ورقة مساومة مهمة. يشكل التهديد الإسرائيلي بوقف المساعدات الإنسانية في حالة استئناف القتال ضغطاً على حماس. تحذر منظمات الإغاثة الدولية من أن وقف المساعدات سيفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث يعتمد ملايين الفلسطينيين على الإمدادات الخارجية من الغذاء والماء والأدوية.
تواجه القيادة الإسرائيلية قراراً معقداً: هل تستمر في المفاوضات وتتنازل عن بعض المطالب، أم تستأنف القتال على أمل تحقيق الأهداف بالقوة. في غضون ذلك، يتزايد الضغط العام في إسرائيل، حيث تطالب عائلات المختطفين ببذل كل ما في وسعهم لإعادة أحبائهم، بينما يدعو آخرون إلى مواصلة القتال حتى تحقيق الحسم.
وراء المفاوضات والتهديدات باستئناف القتال، هناك صراع على مستقبل قطاع غزة. ترغب إسرائيل في ترتيب يمنع إعادة تقوية حماس ويخلق واقعاً أمنياً مختلفاً على حدودها الجنوبية. أما حماس، فتكافح من أجل بقائها السياسي والعسكري وقدرتها على مواصلة السيطرة على القطاع.
من المتوقع خلال الأيام القادمة بذل جهود دبلوماسية مكثفة لمنع التدهور. ستعمل الأطراف الوسيطة على التوصل إلى اتفاق لتمديد الاتفاق الحالي، ولو بشكل مؤقت، للسماح باستمرار المفاوضات حول ترتيب أكثر شمولية وعمقاً.
ومع ذلك، فإن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية تدل بوضوح على جدية التهديد باستئناف القتال. أكمل الجيش الإسرائيلي خطط العمل المحدثة، والوحدات القتالية في حالة تأهب قصوى في حال صدور أمر باستئناف العمليات البرية في القطاع.
الظروف في غزة تقف على مفترق طرق مصيري. قبل انقضاء الأيام القادمة، سيتضح ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستؤتي ثمارها المأمولة وتؤدي إلى تمديد الاتفاق الحالي أو صياغة اتفاق جديد، أم أن دولة إسرائيل ستنفذ تحذيراتها وتعيد القتال في القطاع إلى مساره بصيغة أكثر قسوة وحزماً. وكما وصف ذلك المصدر الأمني الكبير بشكل جيد: "هناك خياران فقط – تحرير المختطفين أو
تصوير الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي