ديم آمور
في عملية عسكرية لا مثيل لها، أُجريت في 22 يونيو 2025 بالتعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة، تم مهاجمة ثلاثة منشآت نووية مركزية في إيران، في إطار عملية "عام كلافيا" ("مثل الأسد") التي قادتها إسرائيل. من بين المنشآت التي هوجمت فوردو وناتانز وأصفهان – التي تشكل قلب البرنامج النووي الإيراني.
وفقاً لإعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على شبكة X، تمت العملية (22.06) "بتنسيق كامل بيني وبين الرئيس ترامب، وبتنسيق عملياتي كامل بين جيش الدفاع الإسرائيلي وجيش الولايات المتحدة". أكد نتنياهو أن الهجوم الأميركي واصل "بقوة أعظم وبطاقة جبارة" الأعمال الإسرائيلية السابقة ضد البرنامج النووي الإيراني.
الحرب بين إسرائيل وإيران تشكل نقطة تحول دراماتيكية في ميزان القوى في الشرق الأوسط. إيران – دولة يزيد عدد سكانها عن مائة مليون نسمة – تجد نفسها الآن في موقف ضعف استراتيجي لا مثيل له، أمام إسرائيل التي يبلغ عدد مواطنيها حوالي تسعة ملايين فقط. هذا، في أعقاب سلسلة من الأعمال الإسرائيلية الواسعة، التي بلغت ذروتها في الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية.
حتى انضمام الولايات المتحدة للعملية، عملت إسرائيل وحدها ضد إيران، مجرية ضربات دقيقة نحو أهداف استراتيجية في جميع أنحاء البلاد. شملت الأعمال تدمير منشآت عسكرية، وبنية تحتية لإطلاق الصواريخ وأهداف إضافية – ومن بينها أيضاً فتح المجال الجوي الإيراني – وكل ذلك بتنفيذ القوات الإسرائيلية وحدها، دون أي مساعدة خارجية.
انضمام الولايات المتحدة للعملية يجلب معه قدرات عسكرية هائلة معاكسة لتهديدات النظام الإيراني. بينما هددت طهران لسنوات بتدمير إسرائيل وطورت قدرات نووية لهذا الغرض، الواقع الجديد يعرض صورة معاكسة تماماً – إيران بقيت بلا قدرات نووية وفي حالة ضعف استراتيجي مطلق.
وفقاً لأقوال نتنياهو، فور إتمام العملية اتصل الرئيس ترامب به في مكالمة "دافئة جداً، مؤثرة جداً"، حيث بارك ترامب نتنياهو وجيش الدفاع الإسرائيلي والشعب الإسرائيلي، وبالمقابل بارك نتنياهو الرئيس والطيارين الأميركيين والشعب الأميركي.
العملية تكشف الفجوة الهائلة بين الدعاية الإيرانية والواقع العسكري. سنوات من التهديدات حول القوة العسكرية المتقدمة والتقنيات المتطورة تبينت أنها بلا أساس أمام القدرات التشغيلية الإسرائيلية والأميركية. النظام الإيراني، الذي قدم نفسه كقوة إقليمية مهددة، يجد نفسه الآن "على ركبتيه" بلا القدرات النووية التي شكلت العمود الفقري لاستراتيجية الردع الخاصة به.
التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة يتجلى ليس فقط في التعاون العسكري، بل أيضاً في رسالة واضحة ترسل للقوى الأخرى في المنطقة والعالم. إظهار القوة المشتركة هذا يشكل خروجاً عن السياق الشرق أوسطي ويمس مباشرة بعلاقات القوى العالمية، خاصة تجاه روسيا، التي تجد نفسها على ما يبدو أمام توضيح للقدرات الأميركية قد تكون ذات صلة بها أيضاً.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيدخل التاريخ كأشجع الرجال، الذي قرر بدء عملية عسكرية جريئة ضد إيران. كثير من الخبراء يعتقدون أن لا أحد آخر كان قادراً على إظهار مثل هذه الشجاعة. يبدو أن العمل المشترك يشير أيضاً إلى تغيير في الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، تحت الرئاسة الثانية لدونالد ترامب. اختيار ترامب الانضمام بقوة للعملية الإسرائيلية وقيادة الهجوم على المنشآت النووية بنفسه يشهد على التزام حاسم بالعمل العسكري ضد التهديدات النووية الإقليمية.
البرنامج النووي الإيراني، الذي طُور على مدى أكثر من عقد ونصف مع استثمار مليارات الدولارات والموارد الهائلة، دُمر خلال عمليات استمرت عدة أشهر وخاصة في الهجوم الحاسم في 22 يونيو. المنشآت المركزية في فوردو وناتانز وأصفهان، التي شكلت قلب البرنامج، دُمرت بالكامل ومعها مُحيت فعلياً قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية في المدى المنظور.
تداعيات العملية تتجاوز السياق الأمني المباشر وتمس مستقبل الشرق الأوسط كله. إيران، التي شكلت لعقود العامل المزعزع للاستقرار الإقليمي والممول لشبكات الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، تجد نفسها في حالة ضعف لم تُر مثلها منذ عقود.
النظام في طهران سيضطر الآن للتعامل مع واقع جديد فقد فيه سلاح الردع الرئيسي ضد إسرائيل. القدرات العسكرية التقليدية لإيران، كما ثبت خلال الأشهر الأخيرة، أقل بكثير من الصورة التي سعى النظام لترويجها، وهي لا توفر إجابة أمام القوة المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة.
عملية "عام كلافيا" ستُذكر في صفحات التاريخ العسكري كمثال استثنائي للإنجاز التشغيلي. جيش يعمل بمهنية وفعالية قادر على تدمير قواعد وصواريخ وأهداف إضافية لجيش أكبر بكثير. إيران، رغم كونها دولة ضخمة في أبعادها، تعاني من ضعف تقني ملحوظ. القدرة على تنفيذ عملية معقدة إلى هذا الحد، بمستوى دقة مثير للإعجاب، تشهد على تنسيق مثالي، واستخبارات حادة وتجهيز تقني متقدم لجيش الدفاع الإسرائيلي.
كما لخص رئيس الوزراء نتنياهو في إعلانه: "نحن نقف معاً، نحارب معاً، وبعون الله – ننتصر معاً". العملية، وفقاً له، تحقق الوعد للشعب الإسرائيلي بتدمير المنشآت النووية الإيرانية وتفتح فصلاً جديداً في علاقات القوى في الشرق الأوسط.
ملاحظة
جدير بالذكر أن توقيت تنفيذ العملية يحمل دلالة تاريخية خاصة: في 22 يونيو 1941 بدأت ألمانيا النازية الحرب ضد الاتحاد السوفيتي. يبدو أن اختيار التاريخ ليس عرضياً، وقد يُفسر كرسالة مقصودة لرئيس روسيا، فلاديمير بوتين – رسالة تظهر القوة العسكرية للولايات المتحدة وقوة التحالف الاستراتيجي الذي تقف على رأسه.
الرسوم البيانية: Maakav