بقلم: ديم آمور
كانت الانتخابات للسلطات المحلية التي جرت في 27 فبراير 2024 فريدة من كل ناحية. للمرة الأولى في تاريخ الدولة، احتاجت إسرائيل إلى إجراء عملية انتخابية ديمقراطية واسعة النطاق بينما كانت غارقة في حرب "السيوف الحديدية"، عندما كانت أنظمة المعلومات المحوسبة التي تدعم العملية الانتخابية في مركز تهديدات سيبرانية لا مثيل لها.
تم تحديد الموعد الأصلي للانتخابات وفقاً للقانون في 31 أكتوبر 2023، لكن اندلاع الحرب في 7 أكتوبر أدى إلى تأجيلات متكررة ومتعددة. أولاً تم تأجيل الانتخابات إلى 30 يناير 2024، وبعد ذلك إلى الموعد النهائي – 27 فبراير. تمت العملية الديمقراطية في النهاية في جميع السلطات المحلية في أنحاء البلاد، باستثناء 12 سلطة محلية تم إجلاء سكانها من منازلهم وحصلوا على تأجيل إضافي حتى نوفمبر 2024.
حقيقة أن الانتخابات جرت في زمن الحرب خلقت تعرضاً كبيراً لمخاطر أمنية جديدة. العملية الانتخابية، التي تشكل حجر أساس مركزي في الديمقراطية المحلية وتؤثر على جوانب واسعة من الحياة اليومية لجميع سكان إسرائيل، أصبحت هدفاً جذاباً للعناصر المعادية التي تسعى إلى المساس بمشاعر الأمن والثقة في مؤسسات الدولة.
منذ بداية حرب "السيوف الحديدية" حددت المنظومة السيبرانية الإسرائيلية ارتفاعاً جذرياً في نطاق الهجمات السيبرانية. البيانات تكشف واقعاً مقلقاً: عدد الأحداث المهمة في فترة الحرب، من 7 أكتوبر 2023 حتى نهاية تلك السنة، وصل إلى 3,380 – نمو بمقدار 2.5 ضعف عن الأوقات العادية. بالإضافة إلى الارتفاع في عدد الهجمات، حدث أيضاً تغيير نوعي في طبيعتها: بينما كانت الأهداف الرئيسية للهجمات قبل الحرب هي التجسس وسرقة المعلومات، كان هدف معظم الهجمات في زمن الحرب هو إلحاق الضرر المباشر.
على هذه الخلفية، أصبحت أنظمة المعلومات المستخدمة في العملية الانتخابية تحدياً أمنياً معقداً. صحيح أن جوهر العملية الانتخابية بقي يدوياً – التصويت بواسطة أوراق الاقتراع في مظاريف يضعها كل ناخب في صندوق الاقتراع – لكن عمليات التحضير للانتخابات وإدارتها تعتمد بشدة على أنظمة معلومات محوسبة.
النطاق الواسع لهذه الأنظمة يشمل أنظمة لتجنيد وتدريب القوى البشرية المطلوبة لتشغيل الانتخابات، أنظمة لإدارة المهام المختلفة قبل موعد الانتخابات، أنظمة لنقل المعلومات حول أصحاب حق الاقتراع، منصات لإتاحة المعلومات حول الانتخابات وتحديد مكان التصويت للجمهور العام، وكذلك أنظمة لإدخال نتائج الانتخابات في الأنظمة المحوسبة ونشرها للجمهور.
المسؤولية عن العملية الانتخابية تقع على عاتق وزير الداخلية بقوة القانون، وهو مطالب بضمان أن تجري الانتخابات في السلطات المحلية كما يجب ووفقاً للقانون. هذا يشمل المحافظة على المبادئ التوجيهية لإجرائها: انتخابات عامة، مباشرة، متساوية، سرية ونسبية. المسؤولية التنفيذية تقع على القسم الكبير للانتخابات في السلطات المحلية في وزارة الداخلية، المعروف بوحدة المفتش، برئاسة المفتش القطري للانتخابات.
الهيكل التنظيمي المعقد يخلق تقسيم مسؤولية متعدد الطبقات: المفتش يعمل كجهة الأعمال التي تحدد المتطلبات لأنظمة المعلومات وجوانبها السيبرانية، بينما يوفر القسم الكبير للتكنولوجيات الرقمية والمعلومات في وزارة الداخلية خدمات التطوير والصيانة لهذه الأنظمة. جزء من الأنظمة يتم تطويرها وصيانتها من قبل وزارات حكومية إضافية، كل منها موجهة من قبل هيئات تنظيمية حكومية مختلفة في مجال السيبر.
الوضع الأمني المعقد في زمن الحرب حول المخاطر السيبرانية إلى تحد حقيقي وفوري. العناصر المعادية قد تحاول إلحاق الضرر بأنظمة المعلومات التي تدعم العملية الانتخابية بهدف زعزعة الثقة العامة في العملية الديمقراطية، خلق فوضى وعدم يقين، أو حتى محاولة التأثير على نتائج الانتخابات بشكل مباشر أو غير مباشر.
الحساسية الخاصة لفترة الحرب تضخم إمكانية الضرر من هجمات كهذه. عندما يكون المجتمع الإسرائيلي تحت ضغط ومخاوف أمنية، كل ضرر بالأنظمة الديمقراطية قد يفاقم شعور عدم الأمان ويضر بالثقة العامة في مؤسسات الدولة بشكل لا رجعة فيه.
التعقيد التكنولوجي لأنظمة المعلومات المحوسبة المستخدمة في العملية الانتخابية يخلق سطح هجوم واسع. كل نظام بمفرده قد يكون معرضاً لثغرات أمنية، وتركيب أنظمة متعددة مطورة ومصانة من قبل جهات مختلفة يزيد من خطر الثغرات الأمنية والأضرار في التنسيق والتعاون.
التحدي يصبح أكثر حدة في ضوء حقيقة أن أنظمة الانتخابات تعمل بشكل دوري – مرة كل خمس سنوات للانتخابات المحلية. هذا يعني أن الأنظمة قد تكون أقل استعداداً لحالات الطوارئ والمخاطر المتطورة، وأن التجربة المتراكمة في التعامل مع تهديدات محددة قد تكون محدودة.
في فترة الحرب، عندما توجه موارد الأمن بشكل أساسي للجهد الأمني المباشر، قد يثار سؤال حول مستوى الحماية والاستعداد لأنظمة المعلومات التي تدعم العمليات المدنية مثل الانتخابات. الحاجة للموازنة بين تخصيص الموارد للجهد الحربي وبين ضمان العمل السليم لأنظمة مدنية حيوية يشكل تحدياً إدارياً واستراتيجياً مهماً.
العملية الانتخابية التي جرت في 27 فبراير 2024 أصبحت إذن اختباراً مهماً لقدرة الدولة على الحفاظ على نشاط ديمقراطي سليم حتى في زمن الحرب، مع التعامل مع تهديدات سيبرانية لا مثيل لها. الدروس من هذه الفترة ستكون حاسمة لتحضير أنظمة الانتخابات المستقبلية لتحديات مشابهة ولتقوية المقاومة الديمقراطية للدولة أمام التهديدات التكنولوجية المتطورة.
للاطلاع على تقرير مراقب الدولة، اضغط هنا (التقرير باللغة العبرية)