بقلم: ديم أمور
تقرير حاد صادر عن مراقب الدولة متياس إنجلمان والذي نُشر في يوليو 2024 يكشف عن صورة مقلقة في مجال التحقيق في الحرائق في إسرائيل. في حين تستعر حرائق ضخمة في منطقة القدس وأنحاء البلاد، مسببة أضراراً اقتصادية تُقدر بحوالي 7 مليارات شيكل سنوياً، فإن السلطة الوطنية للإطفاء والإنقاذ تحقق في نسبة ضئيلة فقط من الحوادث. تُظهر البيانات أنه في عام 2022 تم التحقيق في حوالي 9% فقط من جميع الحرائق التي تعاملت معها السلطة، وفي عام 2023 ارتفعت النسبة إلى 14% فقط.
يعرض التقرير بيانات صعبة: بين عامي 2019-2023 لقي 117 شخصاً حتفهم في الحرائق في جميع أنحاء إسرائيل. في عام 2019 وحده احترقت 328,532 دونماً. تتعامل السلطة الوطنية للإطفاء والإنقاذ مع حوالي 50,000 حادث حريق سنوياً، لكن الغالبية العظمى منها تبقى دون تحقيق منظم.
يقرر مراقب الدولة أن السلطة الوطنية للإطفاء والإنقاذ غير مجهزة لإجراء تحقيقات بالحجم والجودة المطلوبين وفقاً للقانون. يُلزم القانون السلطة بإجراء تحقيقات في الحرائق التي وقعت لتحديد ظروفها وأسبابها، ولكن في الواقع تم اكتشاف نواقص كبيرة في جميع مراحل العملية.
أحد أكثر النتائج إثارة للقلق يتعلق بالتعامل مع حالات الحرق العمد. يكشف التقرير أن 75% من الملفات التي فُتحت في الشرطة بشبهة جرائم حرق عمد في السنوات 2019-2022 أُغلقت دون لوائح اتهام. من أصل 12,084 ملفاً تم فتحها، أُغلق 9,030 دون تقديم لائحة اتهام. في حالات الاشتباه بالحرق العمد على خلفية قومية، فُتح 227 ملفاً، وفي 33% منها فقط تم تقديم لوائح اتهام.
أُجريت المراجعة بين يناير وسبتمبر 2023، وفحصت مفهوم تشغيل جهاز التحقيقات، وتنظيم الإجراءات وتنفيذها، وإدارة وتدريب القوى العاملة، وعملية التحقيق ونتائجه، وواجهات العمل بين سلطة الإطفاء والإنقاذ وشرطة إسرائيل. أُجري الفحص في مفوضية الإطفاء وفي مناطقها، وجزئياً أيضاً في قسم التحقيقات بالشرطة.
تكشف النتائج عن واقع إشكالي. تعمل السلطة دون وثائق سياسة مكتوبة فيما يتعلق بالتحقيق في الحرائق، والسياسة القائمة غير مبنية على تحليل المخاطر. لا توجد إجراءات مفصلة لفتح تحقيق، ولا يوجد تعريف واضح لمن له صلاحية الأمر بفتح تحقيق وفي أي ظروف، خاصة خارج ساعات العمل العادية.
متوسط مذهل يبلغ حوالي 89% من الحرائق في السنوات 2019-2022 لم يتم التحقيق فيها على الإطلاق، دون فحص إمكانية وجود مبرر للتحقيق فيها. في بعض المناطق تم اتخاذ قرار شامل بعدم التحقيق في حرائق المركبات على الإطلاق، خلافاً للصلاحية الممنوحة بالقانون.
مشكلة خطيرة أخرى هي النقص في القوى العاملة في جهاز التحقيقات. العديد من وظائف القادة والمحققين غير مشغولة، مما يضر بالقدرة على إجراء تحقيقات بالحجم المطلوب. كما لم يتم تسوية مسألة تضارب المصالح – رجال الإطفاء الذين يعملون أيضاً كمحققي حرائق قد يتعرضون لتضارب المصالح عندما يُطلب منهم التحقيق في أحداث شاركوا فيها.
يشير التقرير إلى نواقص كبيرة في تدريب المحققين. لا تُعقد دورات متقدمة، ومستوى التحقيق لا يتحسن بمرور الوقت. النتيجة: تبقى جودة التحقيقات في مستوى منخفض، وهذا يضر بالقدرة على استخلاص الدروس ومنع الحرائق المستقبلية.
بيانات مقلقة بشكل خاص تتعلق بتوقيت فتح التحقيقات. 28% من التحقيقات فُتحت بتأخير يومين على الأقل من لحظة الحادث، و5% فُتحت بتأخير أسبوع أو أكثر. هذه التأخيرات تسبب تعطيل مسارح التحقيق وفقدان أدلة حاسمة قد تساعد في اكتشاف أسباب الحريق.
التعاون مع شرطة إسرائيل يعاني من نواقص خاصة. 74% من الملفات أُغلقت بحجة "مجرم غير معروف"، مما يشير إلى فجوات خطيرة في التنسيق بين الجهات. 50% من الملفات التي فُتحت في السنوات 2020-2022 (8,011 ملفاً) أُغلقت فقط بعد سنة، وحوالي 10% من الملفات كانت لا تزال مفتوحة في سبتمبر 2023.
يتعامل مراقب الدولة بجدية مع النتائج ويقرر أن على وزير الأمن القومي وجهاز الإطفاء تقديم حلول مناسبة لخطر الحرائق. يعرض التقرير سلسلة من التوصيات الرئيسية لتحسين الوضع.
أولاً، يجب صياغة سياسة وتوجيهات موحدة لجهاز التحقيقات، مع تكييفها للخصائص الفريدة لكل منطقة. ثانياً، يجب ملء الوظائف القيادية في جهاز التحقيقات وضمان أداء مستمر وعالي الجودة. ثالثاً، يجب زيادة حجم التحقيقات بشكل كبير وفقاً لمتطلبات اللوائح، لتحسين القدرة على المنع والتوعية ومساعدة المتضررين.
يوصي المراقب بأن يبدأ التحقيق في الحرائق خلال 12 ساعة من الحادث، للحفاظ على المسرح ومنع تعطيل الأدلة. كما يجب ضمان معدات مناسبة وحماية للمحققين، بما في ذلك تكنولوجيا متقدمة تساعد في إجراء التحقيقات.
التحقيق في الحرائق هو ركيزة أساسية في نشاط سلطة الإطفاء والإنقاذ. قد تساعد نتائج التحقيق في منع الحرائق المستقبلية وفي تحديد المسؤولية القانونية ومسؤولية شركات التأمين عن أضرار الحرائق. بدون تحقيق شامل، لا يمكن فهم أسباب الحرائق والعمل على منعها في المستقبل.
يؤكد التقرير أن قانون السلطة الوطنية للإطفاء والإنقاذ واللوائح الصادرة بموجبه تُلزم السلطة بالتحقيق في الحرائق، ولكن في الواقع لا تفي السلطة بواجبها القانوني. الفجوات المعروضة تتطلب إجراءً شاملاً لصياغة مفهوم التشغيل، وصياغة سياسة منظمة، والتدريب وتعيين القوى العاملة، والتجهيز، والتعاون العميق مع الجهات ذات الصلة.
يكتسب الموضوع أهمية إضافية في ضوء الحرائق الكبيرة التي تضرب إسرائيل في السنوات الأخيرة. في السنوات 2019-2023 احترقت مساحات شاسعة، وقُتل أشخاص، وتسببت أضرار اقتصادية هائلة للاقتصاد. حقيقة أن معظم الحرائق لا يتم التحقيق فيها على الإطلاق تمنع القدرة على فهم أسباب اندلاعها والعمل على منع أحداث مماثلة في المستقبل.
تشير نتائج التقرير إلى فشل منهجي عميق في مجال التحقيق في الحرائق في إسرائيل. في حين تبلغ الأضرار الاقتصادية مليارات الشواقل سنوياً، والخطر على حياة الإنسان حقيقي، فإن النظام المسؤول عن التحقيق في الحرائق لا يعمل بشكل صحيح. بدون تغيير جوهري في النهج، وتخصيص الموارد، والتعاون بين الجهات، من المتوقع أن يستمر الوضع في التدهور.
يخلص المراقب إلى أنه من أجل تنفيذ هدف إنقاذ الأرواح ومنع الضرر عملياً، يلزم إجراء شامل يتضمن تغييراً تنظيمياً، وتخصيص موارد كافية، وتحسين التدريب، وإيجاد تعاون وثيق مع جميع الجهات ذات الصلة. فقط بهذه الطريقة يمكن التعامل مع تحدي الحرائق في إسرائيل وتقليل الأضرار الجسيمة التي تسببها للاقتصاد والسكان.
يشكل التقرير نداء يقظة لصناع القرار والجمهور في إسرائيل. الوضع الحالي، حيث لا يتم التحقيق في الغالبية العظمى من الحرائق على الإطلاق، يعرض حياة الإنسان والممتلكات للخطر ويمنع القدرة على التعلم من أحداث الماضي. يحتاج النظام إلى تغيير جوهري وفوري لحماية مواطني إسرائيل ومواردها الطبيعية والاقتصادية.