تم اعتقال يفغينيا غوتسول، حاكمة منطقة غاغاوزيا المستقلة الموالية لروسيا في مولدوفا، بالأمس أثناء محاولتها الفرار من البلاد إلى روسيا. قامت سلطات إنفاذ القانون في مولدوفا بتمديد احتجازها لمدة 20 يوماً، بينما تشير الشبهات ضدها إلى تلقيها تمويلاً من موسكو بهدف زعزعة استقرار الحكومة المركزية في البلاد.
يأتي اعتقال غوتسول على خلفية التوتر المتزايد قبيل الانتخابات البرلمانية المتوقعة هذا الصيف في مولدوفا، وهي انتخابات تُعتبر لحظة حاسمة لمستقبل هذه الدولة الصغيرة الواقعة بين رومانيا وأوكرانيا. تشتبه السلطات في أن غوتسول، التي التقت بالرئيس بوتين قبل نحو عام، جزء من جهود النفوذ الروسية التي تهدف إلى تعطيل عملية اندماج مولدوفا مع الاتحاد الأوروبي.
حصلت غاغاوزيا، المنطقة المستقلة التي كانت تحكمها غوتسول، على وضعها الخاص بعد استفتاء أُجري عام 1994. تغطي المنطقة مساحة صغيرة نسبياً – 1,820 كيلومتراً مربعاً فقط – ويسكنها حوالي 150 ألف نسمة، وتُعتبر منطقة ذات ميول موالية لروسيا بشكل واضح. موقعها الاستراتيجي في جنوب مولدوفا والهوية الثقافية الفريدة لسكانها جعلها محور جهود النفوذ الروسية على مر السنين.
تقود الرئيسة مايا ساندو، التي انتُخبت مؤخراً لفترة رئاسية ثانية متتالية، سياسة حازمة للاندماج مع الاتحاد الأوروبي، وهي عملية تُعتبر مرساة أمل لمولدوفا – وهي دولة صغيرة وفقيرة تسعى لتحسين وضعها الاقتصادي والسياسي. تتعارض هذه السياسة بشكل حاد مع مصالح روسيا في المنطقة، التي تسعى للحفاظ على نفوذها في مساحة تعتبرها "فناءها الخلفي".
يعكس القرار الجريء لسلطات إنفاذ القانون في مولدوفا باعتقال شخصية بارزة مثل غوتسول الكفاح المستمر للبلاد ضد النفوذ الأجنبي على أنظمتها الانتخابية. وفقاً للتقارير، حاولت غوتسول الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اعتقالها، طالبة تدخله لصالحها، لكن يبدو أن الكرملين لم يتمكن – أو لم يرغب – في مد يد العون لها.
ينضم هذا الحدث إلى سلسلة طويلة من التوترات بين مولدوفا وروسيا في السنوات الأخيرة، حيث تتهم كيشيناو موسكو بمحاولات متكررة للتدخل في شؤونها الداخلية وتخريب مسارها نحو الاندماج الكامل مع الاتحاد الأوروبي. يقدر خبراء المنطقة أن اعتقال غوتسول يمثل مجرد قمة جبل الجليد لشبكة نفوذ روسية واسعة في البلاد.
صرحت الرئيسة ساندو مراراً بأن مولدوفا تواجه "حرباً هجينة" من روسيا، تشمل التلاعب الإعلامي والضغط في مجال الطاقة ومحاولات زعزعة الاستقرار السياسي. تُعتبر انتخابات الصيف القادم مفترق طرق حاسم سيختبر قدرة البلاد على مقاومة هذه الضغوط ومواصلة مسارها الغربي.
الآن، مع احتجاز غوتسول لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، تأمل السلطات المولدوفية في إكمال التحقيق وكشف النطاق الكامل للتدخل الروسي في السياسة المحلية. يركز المحققون على مصادر التمويل التي استخدمتها غوتسول، وكذلك على علاقاتها مع مختلف الكيانات الروسية.
بالنسبة لمولدوفا، التي تقف على مفترق طرق تاريخي بين الشرق والغرب، فإن مكافحة النفوذ الأجنبي تشكل عنصراً أساسياً في جهودها لإرساء سيادتها واستقلالها. في الأسابيع والأشهر القادمة، مع احتدام الحملة الانتخابية، يُتوقع محاولات إضافية للتأثير على الرأي العام المحلي – وتشير استجابة السلطات لقضية غوتسول إلى تصميمها على مواجهة هذه التهديدات.
في الوقت نفسه، يواصل الاتحاد الأوروبي دعم جهود اندماج مولدوفا، معتبراً إياها مرشحة محتملة للعضوية، ويقدم لها مساعدة اقتصادية وسياسية كبيرة. المعركة من أجل مستقبل مولدوفا في أوجها، وتوضح قضية يفغينيا غوتسول التعقيدات والتحديات في طريقها نحو أوروبا.
صورة: محتوى وفقاً للمادة 27أ