سحب الدخان الأسود تتصاعد من قلب المدينة القديمة، حاملة معها مواد مسرطنة مباشرة إلى بيوت السكان. التقصير: حرق النفايات غير القانوني ما زال يسمم الهواء بينما تتجاهل البلدية الأمر.
في قلب الناصرة، تقريباً في مركز المدينة، تحدث يومياً جريمة بيئية خطيرة: عمليات حرق هائلة للنفايات البلاستيكية والمواد السامة. كيلومترات من الدخان السام تتصاعد إلى السماء، حاملة معها مواد مسرطنة مباشرة إلى رئات عشرات آلاف السكان. المشاهد صعبة: أكوام من البلاستيك المحترق، حاويات مواد تنظيف منصهرة، وسحب من الدخان الأسود تغطي سماء المدينة.
"خائفون من الكلام، وخائفون من الموت أيضاً"
"نحن نعيش في خوف مزدوج"، يقول إبراهيم (اسم مستعار)، أحد سكان المدينة. "من جهة نخاف من الكلام لأن هؤلاء أشخاص ينتقمون. ومن جهة أخرى، نخاف من الموت بسبب هذه السموم. كل صباح أستيقظ وأرى أطفالي يتنفسون هذا السم".
قنبلة موقوتة في قلب المدينة
الوضع خطير بشكل خاص عندما يتم حرق حاويات بلاستيكية تحتوي على بقايا مواد تنظيف سامة مثل الكلور والأحماض. يحذر خبراء البيئة: هذا المزيج القاتل يزيد من المخاطر الصحية مائة ضعف. السموم لا تميز بين الحدود البلدية وتصل أيضاً إلى سكان نوف هجليل المجاورة.
حرق البلاستيك والنفايات: لماذا هو خطير على الإنسان والبيئة؟
أصبح حرق البلاستيك والنفايات ظاهرة شائعة في مناطق معينة، خاصة كجزء من محاولة التخلص من البقايا غير المرغوب فيها. ومع ذلك، فإنها عملية مدمرة تهدد صحة الإنسان والبيئة، على المدى القصير والطويل.
التأثيرات الصحية
خلال عملية حرق النفايات البلاستيكية، تنطلق مواد سامة تهدد صحة الإنسان:
١. انبعاث الديوكسينات والفيورانات:
– هذه المواد، التي تعتبر من أشد المواد سمية، تتكون عند حرق البلاستيك (خاصة PVC)
– التعرض للديوكسينات مرتبط بالسرطان، وتلف الجهاز المناعي، واضطرابات هرمونية
الجسيمات الدقيقة:
– عملية الحرق تطلق جسيمات مجهرية تُستنشق إلى الرئتين
– هذه الجسيمات قد تسبب أمراضاً تنفسية، وحساسية، وحتى أمراض القلب والأوعية الدموية
الغازات السامة:
– حرق البلاستيك يطلق غازات مثل حمض الهيدروكلوريك، والأمونيا، وثاني أكسيد الكبريت
– هذه الغازات قد تسبب تهيجاً شديداً في العيون والجلد والجهاز التنفسي
مياه ثمينة تجري إلى المجاري
كما لو أن المشكلة البيئية المروعة لم تكن كافية، تم الكشف عن حادث خطير آخر يشهد على الإهمال الفادح: انفجار كبير في أنابيب المياه الرئيسية خلق نهراً اصطناعياً بطول كيلومترين، في حين يواجه قطاع المياه الإسرائيلي أزمة غير مسبوقة. آلاف الأمتار المكعبة من المياه الثمينة جرت كنهر متدفق في شوارع المدينة، دون أي تدخل من جهات البلدية.
قائمة التقصير: من المسؤول؟
في حين أن مفتشي البلدية مشغولون بإصدار مخالفات على النزهات في الأماكن الممنوعة، فإنهم يتغاضون عن مكرهة بيئية قاتلة. هؤلاء هم المسؤولون عن معالجة الوضع:
– علي سلام – رئيس البلدية
– محمد عوايسي – نائب رئيس البلدية
– شريف صفدي – المدير العام للبلدية
– منذر حبيب الله – مدير قسم البناء والتطوير
– صبيح ملحم – مدير قسم الإنفاذ البلدي
ولتوضيح أي شك، نذكر مرة أخرى: المسؤولون المنتخبون، الذين أؤتمنوا على سلامة المدينة القديمة، والذين حملوا بثقة الجمهور التفويض المقدس ليكونوا صوت السكان في أروقة الحكم المحلي، يبقون صامتين كالحجر أمام الأزمة المتفاقمة.
المواد السامة المنبعثة من الحرائق تشمل:
– الديوكسينات والفيورانات – من أخطر المواد المسرطنة المعروفة للعلم
– جسيمات مجهرية تخترق الرئتين مباشرة
– غازات سامة تسبب حروقاً في العيون والجلد
– تلوث التربة والمياه الجوفية مما سيؤثر على الأجيال القادمة
البلدية ترد بصمت مدوٍ
في الوقت الذي يدفع فيه سكان الناصرة ضريبة الأرنونا كاملة، يحصلون في المقابل على هواء مسموم. السؤال المقلق: هل تنتظر البلدية كارثة صحية جماعية للتحرك؟ إلى متى سيستمر هذا الإرهاب البيئي تحت غطاء الصمت البلدي؟
السكان يطالبون بإجابات، لكن في الوقت الحالي فقط الدخان الأسود يستمر في التصاعد فوق المدينة القديمة، مذكراً الجميع بأنه في الناصرة عام ٢٠٢٤، التخلي عن حياة الإنسان هو أمر روتيني.